فصل: تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي للفتاوي ***


تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى‏.‏ وبعد فإني رجل حبب إلى العلم والنظر فيه دقيقه وجليله والغوص على حقائقه والتطلع إلى إدراك دقائقه والفحص عن أصوله وجبلت على ذلك فليس فيّ منبت شعرة إلا وهي ممحونة بذلك، وقد أوذيت على ذلك أذى كثيرا من الجاهلين والقاصرين، وذلك سنة الله في العلماء السالفين فلم يزالوا مبتلين بإسقاط الخلق وأراذلهم وبمن هو من طائفتهم ممن لم يرتق إلى محلهم‏.‏ ومن المعلوم في كتب الحديث والتاريخ ما قاساه ابن عباس من نافع ابن الأزرق وما أسمعه من الأذى وما تعنته به من الأسئلة‏.‏ وأسئلة نافع ابن الأزرق لابن عباس مشهورة مروية لنا بالإسناد المتصل مدونة في ثلاث كراريس، وقد سقت غالبها في الإتقان وقول نافع لرفيقه لما أراد تعنت ابن عباس قم بنا إلى هذا الذي نصب نفسه لتفسير القرآن بغير علم حتى نسأله‏.‏ ورد ابن عباس عليه بأبلغ رد‏.‏ ومن المعروف في صحيح البخاري وغيره ما قاساه سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة من جهال أهل الكوفة وشكواهم إياه لعمر بن الخطاب حتى قال له عمر شكوك في كل شيء حتى قالوا أنك لا تحسن أن تصلي فانظروا بالله الذين أسلموا البارحة يزعمون في صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يسمى ثلث الإسلام أو ربعه أنه لا يحسن الصلاة وكذلك من المعلوم ما قاساه الإمام مالك من أهل عصره لما برز عليهم‏.‏ وما قاساه الإمام الشافعي من أهل مصر لما ألف الرد على مالك واضطراب البلد حتى كاد البلد يفتتن‏.‏ وما قاساه البخاري من أنداده‏.‏ والغزالي من أعدائه وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين وقد اجتمعوا كلهم عند الله وظهر لهم المحق من المبطل والأرفع رتبة عند الله من غيره وظهر لنا مصداق ذلك في هذه الدار ببقاء كلام هذه الأئمة وانتشاره وظهوره واضمحلال من رد عليهم وطمس ذلك ودثروه‏.‏ وهذه الأسئلة قد رفعت إلي وهي محتاجة إلى فضل نظر وسعة اطلاع‏.‏ فأجيب عنها أولا نثرا ثم أعقده نظما فأقول‏:‏ ‏(‏أما السؤال الأول‏)‏ فقد ورد عليّ من مدة وأجبت عنه بما نصه‏:‏ الإعداد في هذه الآية مرتب على المسلمين الموصوفين بكل ما ذكر في الآية من الصفات لا على فرد فرد من الصفات و المعطوفات من عطف الصفة لا من عطف الذوات والمراد بهم البالغون درجة الكمال من هذه الأمة، والمراد بالمعد أكمل ما أعد بدليل تنكير مغفرة الدال على التعظيم وتنكير أجر الدال عليه أيضا ووصفه بعظيما وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم جدا لا يعبر عنه وذلك أبلغ مما أعد المسلمين الذين لم يتصفوا بكل هذه الصفات أو ببعضها فإن أجرهم دون ذلك هذا من حيث الاستنباط المأخوذ من قواعد العربية والمعاني وأما من حيث النقل عن العلماء فقد قال الغزالي في بعض كلامه أن الموعود في القرآن بالجنة لم يقع مرتبا على مجرد الإسلام أو الإيمان بل لم يقع إلا مقرونا باشتراط انضمام الأعمال إليه ذكر ذلك في معرض الحث على الأعمال فهذا يدل على الأعمال الواقعة في هذه الآية كل منها جزء المحكوم عليه وليس كل منها محكوما عليه استقلالا‏.‏ ويؤيده أيضا من حيث الاستنباط أنه لو كان كل فرد محكوما عليه استقلالا لزم الحكم على فرد من الأعمال كالصوم أو الصدقة المذكور في الآية مجردا عن الوصف المصدر به وهو الإسلام والإيمان وهو باطل وإذا بطل اللازم بطل الملزوم‏.‏ فإن قال قائل هذا مستثنى لا بد من اعتباره لما دل عليه من خارج قلت والباقي أيضا دل على اعتبار مجموعه القواعد العربية والبيانية والسياق يرشد إليه والأحاديث الواردة في الحساب والوزن والتقاص إذا وقف عليها بلفظها مع مراعاة قواعد الاستدلال وأساليب البيان وغير ذلك من الأمور المشترطة في الاجتهاد أنتجت للمجتهد أن الإعداد مرتب على المجموع لا على كل فرد فرد والله أعلم‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني‏)‏‏:‏ فذكر صاحب آكام المرجان في أحكام الجان أن قياس قول الشيخ عز الدين بن عبد السلام في الملائكة أنهم لا يرون ربهم إن الجن أيضا لا يرون ربهم‏.‏ ومستند الشيخ عز الدين في الملائكة قوله تعالى‏:‏ ‏(‏لا تدركه الأبصار‏)‏ خص من ذلك المؤمنون فبقي على عمومه في الملائكة لكن ما قاله الشيخ عز الدين في الملائكة ممنوع كما بينته في الكتاب الذي ألفته في الرؤية وما قاله صاحب الآكام في الجن خالفه فيه البلقيني ومال إلى أنهم يرون والذي أقوله أن الجن تحصل لهم الرؤية في الموقف مع سائر الخلق قطعا ويحصل لهم في الجنة في وقت ما من غير قطع بذلك لكن باحتمال راجح أما أنهم يساوون الإنس في الرؤية كل جمعة فالظاهر خلافه‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث‏)‏‏:‏ فقد حكى ابن كثير في كتاب البداية والنهاية في رؤية النساء ثلاثة مذاهب‏:‏ أحدها‏:‏ أنهن يرين أدراجا لهن في عموم الأخبار الواردة في الرؤية‏.‏ والثاني‏:‏ أنهن لا يرين أصلا لعدم التصريح برؤيتهن في الحديث‏.‏ والثالث أنهن يرين في الأعياد خاصة ولا يرين مع الرجال في أيام الجمع لورود حديث في ذلك‏.‏ وهذا القول الثالث هو الراجح وبه جزم ابن رجب وأنا استثني أزواج الأنبياء وبناتهم وسائر الصديقات فأقول أنهن يرين في غير الأعياد أيضا خصوصية لهن كما اختص الصديقون من الرجال بمزية في الرؤية ليست لغيرهم‏.‏ وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في مؤلف مستقل سميناه إسبال الكساء على النساء ولخصناه في مختصر سميناه ‏(‏رفع الأسى عن النسا‏)‏‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع والخامس‏)‏ فذكر صاحب كشف الأسرار عما خفي عن الأفكار إنه قيل في أرجى آية في القرآن قوله ‏(‏فهل يهلك إلا القوم الفاسقون‏)‏‏.‏ وقيل ‏(‏أن العذاب على من كذب وتولى‏)‏ وقيل ‏(‏لا تقنطوا من رحمة الله‏)‏ وقيل ‏(‏إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم‏)‏ وقيل ‏(‏قل كل يعمل على شاكلته‏)‏ وقيل ‏(‏اليوم أكملت لكم دينكم‏)‏ وقيل ‏(‏ولكن يريد ليطهركم‏)‏ وقيل ‏(‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏)‏ وقيل ‏(‏إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا‏)‏ وقيل ‏(‏ولسوف يعطيك ربك فترضى‏)‏ وقال في أخوف آية قيل ‏(‏ويحذركم الله نفسه‏)‏ وقيل ‏(‏سنفرغ لكم أيها الثقلان‏)‏ وقيل ‏(‏فأين تذهبون‏)‏ وقيل ‏(‏من يعمل سوءا يجز به‏)‏ وقيل ‏(‏أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا‏)‏ وقيل ‏(‏إن بطش ربك لشديد‏)‏ وقيل ‏(‏أم حسب الذين اجترحوا السيئات - الآية‏)‏ وأقول بقي في أرجى آية أقوال فقيل قوله ‏(‏وهل يجازى إلا الكفور‏.‏ وقيل قوله ‏(‏ولكن ليطمئن قلبي‏)‏ وقيل قوله ‏(‏وما أصابكم من مصيبة فما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير‏)‏ وقيل ‏(‏إن الله لا يغفر أن يشرك به‏)‏ وقيل ‏(‏لا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة‏)‏ - إلى قوله - ‏(‏ألا تحبون أن يغفر الله لكم‏)‏ وقيل ‏(‏وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا‏)‏ وقيل ‏(‏وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم‏)‏ وقيل ‏(‏يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة‏)‏ وقيل ‏(‏إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى‏)‏ وقيل ‏(‏قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف‏)‏‏.‏ وقيل آية الدين‏.‏ وبقي في أخوف آية أقوال‏:‏ فعن أبي حنيفة قوله تعالى ‏(‏واتقوا النار التي أعدت للكافرين‏)‏ وعن الشافعي قوله تعالى ‏(‏إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏)‏ وعن الشبلي قال أخوف آية في القرآن على طالبي أهل الدنيا قوله تعالى ‏(‏منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة‏)‏ وأخرج ابن المنذر في تفسيره عن ابن سيرين قال لم يكن عندهم شيء أخوف من هذه الآية ‏(‏ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين‏)‏‏.‏ ‏"‏وأما السؤال السادس‏"‏‏:‏ فأقول أن الشراء قد وقع في الأزل بالعلم وعند نزول الآية بالفعل وهذا شأن صفات الأفعال فإن قوله اشتري صفة فعل مسندة إلى الله وبهذا يحصل الجواب عن السؤال السابع وهو أنه لم يكن في الأزل من يشتري منه‏.‏ ويحتمل أن يجاب عنه بأن ذلك وقع مع المؤمنين وهم في عالم الذر لكن هذا يحتاج إلى ورود حديث به أو أثر ولم نقف عليه‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثامن‏)‏‏:‏ فإنما خص الأموال والأنفس وهي الأرواح لأنهما أعز الأشياء عند الخلق فأعز شيء على الإنسان نفسه التي هي روحه والمال عديل الروح فاشترى منهم الأنفس ليبذلوها للقتل في سبيل الله والأموال لينفقوها في الجهاد ولم يذكر القلوب لأنه إن أريد بالقلب ما هو حال فيه وهو الروح فقد ذكر ذلك الحال وهو الأنفس فأغنى عن ذكر المحل الذي هو وعاء محض وإن أريد بالقلب المحل الذي هو الشكل الصنوبري وهو الوعاء فهذا ليس بشيء حتى يذكر لأنه عبارة عن قطعة لحم وجزء من بدن الإنسان وقد ذكر ما هو أشرف منه وأعز من كل البدن وهي الأنفس فلم يكن لذكر القلوب معنى‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع‏)‏‏:‏ فقال صاحب كشف الأسرار قال الطوخي في أسرار التنزيل اختلف في أي الجهتين أفضل فقال المشارقة المشرق أفضل واحتجوا بوجوه‏:‏ الأول‏:‏ إن الله تعالى لم يذكر الموضعين في موضع إلا قدم ذكر المشرق‏.‏ الثاني‏:‏ الفضاء يكون مظلما فلا يضيء إلا بطلوع الشمس من المشرق‏.‏ الثالث‏:‏ أن الأئمة الأربعة في الفقه من الشرق‏.‏ الرابع‏:‏ أن الأرض التي بورك فيها بنص القرآن وهي أرض مصر والشام وأرض الجزيرة من المشرق لأن الناس اتفقوا على أن أرض مصر حد ما بين المشرق والمغرب فما كان من مصر إلى جهة مطلع الشمس فهو مشرق فيتناول الحجاز والشام واليمن والعراق وما بعدها، والمصر في اللغة الحد ولذا سميت مصر بمصر‏.‏ واحتج المغاربة بوجوه‏:‏ أحدها أن الله تعالى بدأ بذكر المغرب في قصة ذي القرنين والثاني‏:‏ قوله صلى الله عليه وسلم لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين - وفي رواية لا يزال أهل الغرب ظاهرين وأجيب بأن الثابت وهم بالشام لأن الشام غربي المدينة‏.‏ وأما لفظ الغرب فلا يثبت وأن ثبت فهو محمول على الغرب وهو الدلو التي يستقي بها وأكثرهم باليمن‏.‏ الثالث‏:‏ أن المغرب اختص بظهور الأهلة التي هي مواقيت للناس والحج ترمقها أبصار الناس دون المشرق، وعورض بطلوع الشمس من المشرق وبأن القمر يطلع أولا من المشرق ممحوقا ثم يظهر بالمغرب وبأن باب التوبة سعته أربعين عاما ثم أنه يغلق بالمغرب‏.‏ الرابع‏:‏ أن المهدي يظهر بالمغرب وأجيب بأن المشهور ظهوره بمكة أو اليمن أو العراق، قالت المغاربة نحن لا يظهر الدجال من عندنا ولا يأجوج ومأجوج ولا سائر الفتن ولا أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلدنا فقال الفتنة من ههنا، قالت المشارقة هذا عدول عن تقرير المناقب إلى التعريض بالمثالب فإن كان الأمر كذلك فيكفيكم أن الشمس آية النهار وأنها تغرب عندكم وتظلم الأقطار ويغلق باب التوبة من جهتكم فلا تنفع التوبة والاستغفار‏.‏ وأقول لم يترجح عندي تفضيل المشرق على المغرب ولا عكسه لتعارض دليل كل منهما، وقد أردت أن أفضل المشرق لأن الأنبياء بعثوا منه ولم نقف على أنه بعث من المغرب نبي ثم وقفت عن ذلك لاحتمال أن يكون بعث منه نبي وأن لم يرد به خبر لأن الأنبياء مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي فأي مانع من أن يكون طائفة منهم من المغرب ولم ترد الأخبار بتفضيل حال خمسين نبيا فضلاُ عن أكثر من ذلك حتى يؤخذ منها‏.‏ ‏(‏وأما السؤال العاشر‏)‏‏:‏ فقال صاحب كشف الأسرار اختلفوا في ذلك والأكثرون على تفضيل الأرض على السماء لأن الأنبياء خلقوا منها وعبدوا الله فيها ودفنوا فيها‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي عشر‏)‏‏:‏ فذكر صاحب كشف الأسرار ما نصه‏:‏ في كلام بعضهم الأرض العليا أفضل مما تحتها لاستقرار ذرية آدم فيها ولانتفاعنا بها ودفن الأنبياء بها وهي مهبط الوحي وغيره‏.‏ قلت ورد به الأثر عن ابن عباس كما سنذكره‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني عشر‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قال بعضهم السماء الأولى أفضل مما سواها لقوله تعالى ‏(‏ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح‏)‏ قلت ورد الأثر بخلافه‏:‏ أخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية عن ابن عباس قال سيد السماوات السماء التي فيها العرش وسيد الأرض التي نحن عليها‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث عشر‏)‏‏:‏ فأخرج الشيخان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأشجار والأنهار‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع عشر‏)‏ فأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله تعالى ‏(‏ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين‏)‏ قال الشام‏.‏ وأخرج أيضا عن أبي العالية قال هي الأرض المقدسة بارك الله فيها للعالمين لأن كل ماء في الأرض عذب هو منها يخرج من أصل الصخرة التي في بيت المقدس يهبط من السماء إلى الصخرة ثم يتفرق في الأرض‏.‏ وأخرج عن قتادة قال هي أرض الشام وهي أرض المحشر والمنشر وبها ينزل عيسى بن مريم وبها يهلك المسيح الضلالة الدجال‏.‏ وأخرج عن كعب قال هي حران ‏.‏ وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ‏(‏ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين‏)‏ قال يعني مكة ونزول إسماعيل البيت ألا ترى أنه يقول ‏(‏إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين‏)‏‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخامس عشر‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قيل الحكمة في أن الشمس والقمر يوم القيامة يطمس نورهما ويلقيان في جهنم ليظهر لعبدة الشمس والقمر أنهما ليسا آلهة لأنهما لو كانا آلهة لدفعا عن أنفسهما ولما ذهب ضوؤهما وهذا هو السر في ذهاب ضوئهما في الدنيا بالخسوف وإنما ألقيا في جهنم يوم القيامة ليقال من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبعونهم في جهنم‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس عشر‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار أن قيل ما هذا السواد الذي في القمر قيل سأل ابن اللواء عليا رضي الله عنه عن ذلك فقيل أنه أثر مسح جناح جبريل وذلك أن الله تعالى خلق نور القمر سبعين جزءا وكذلك نور الشمس ثم أتى جبريل فمسحه بجناحه فمحا من القمر تسعة وستين جزءا فحولها إلى الشمس فأذهب عنه الضوء وأبقي فيه النور فذلك قوله تعالى ‏(‏فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة‏)‏ وأنت إذا تأملت السواد الذي في القمر وجدتها حروفا أولها الجيم وثانيها الميم وثالثها الياء واللام ألف آخر الكل مكتوب عليه جميلا، وقد شاهدت ذلك وقرأته مرات فسبحان من خلقه جميلا‏.‏ قلت أخرج البيهقي في دلائل النبوة عن سعيد المقبري أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن السواد الذي في القمر فقال كانا شمسين فقال قال الله تعالى ‏(‏وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل‏)‏ قال والذي رأيت هو المحو‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند واه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق شمسين من نور عرشه فأما ما كان في سابق علمه أنه يدعها شمسا فإنه خلقها مثل الدنيا على قدرها ما بين مشارقها ومغاربها وأما ما كان في سابق علمه أنه يطمسها ويجعلها قمرا فإنه خلقها دون الشمس في العظم ولكن إنما يرى صغرها لشدة ارتفاع السماء وبعدها من الأرض فلو ترك الشمس كما كان خلقها أول مرة لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل ولم يدر الصائم متى يصوم ومتى يفطر ولم يدر المسلمون متى وقت حجهم وكيف عدد الأيام والشهور والسنين والحساب فأرسل جبريل فأمر جناحه على وجه القمر وهو يومئذ شمس ثلاث مرات فطمس عنه الضوء وبقي فيه النور فذلك قوله تعالى ‏(‏وجعلنا الليل والنهار آيتين‏)‏ وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مجاهد قال كتب هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاثة أشياء‏:‏ أي مكان إذا صليت فيه ظننت أنك لم تصل إلى قبلة، وأي مكان طلعت فيه الشمس مرة لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن السواد الذي في القمر فأرسل معاوية إلى ابن عباس يسأله فكتب إليه أما المكان الأول فهو ظهر الكعبة‏.‏ وأما الثاني فالبحر حين فرقه الله لموسى‏.‏ وأما السواد الذي في القمر فهو المحو‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السابع عشر والثامن عشر‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار الشمس إذا غربت أين تذهب‏.‏ قال الطرطوشي في شرح الرسالة اختلف في ذلك فقيل يبتلعها حوت وقيل تغرب في عين حمئة كما قال الله تعالى والحمأة بالهمز ذات حمأة وطين وقرئت حامية بغير همز أي حارة ساخنة‏.‏ قال الطرطوشي وقيل أنها تطلع من سماء إلى سماء حتى تسجد تحت العرش وتقول يا رب أن قوما يعصونك فيقول الله تعالى لها ارجعي من حيث جئت فتنزل من سماء إلى سماء حتى تطلع من المشرق وإذا نزلت إلى سماء الدنيا طلع الفجر حينئذ‏.‏ وقال إمام الحرمين وغيره لا خلاف أن الشمس تغرب عند قوم وتطلع على آخرين والليل يطول عند قوم ويقصر عند آخرين وعند خط الاستواء يكون الليل والنهار مستويين أبدا‏.‏ وسئل الشيخ أبو حامد عن بلاد بلغار كيف يصلون فإنه ذكر أن الشمس لا تغرب عندهم إلا مقدار ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع فقال يعتبر صومهم وصلاتهم بأقرب البلاد إليهم، والأحسن وبه قال بعض الشيوخ أنهم يقدرون ذلك ويعتبرون الليل والنهار كما قال صلى الله عليه وسلم في يوم الدجال الذي كسنة وكشهر ‏(‏قدروا له‏)‏ حين سأله الصحابة عن الصوم والصلاة فيه، وبلغار بضم الباء الموحدة وإسكان اللام وبالغين المعجمة وبالراء المهملة في آخره أقصى بلاد الترك‏.‏ وذكر لي بعضهم عمن أخبره أن الشمس إذا غربت عندهم من ههنا طلع الفجر وصار يمشي قليلا ثم تطلع الشمس‏.‏ وبهذا الجواب المذكور يحصل الجواب عن تردد أبداه القرافي في قوم لا تغيب الشمس عندهم إلا مقدار الصلاة فهل يشتغلون بصلاة المغرب أو بالأكل حتى يقووا على صوم الغد إذا كان شهر رمضان وإذا علمت من هذه القاعدة أن الليل يقصر عند قوم ويطول عند آخرين ظهر لك وجه الجمع بين الروايات الواردة عنه عليه السلام في قوله ينزل ربنا كل ليلة حين يذهب ثلث الليل - وفي رواية حين يذهب نصف الليل - ويقول هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له من يقرض غير عديم ولا ظلوم - الحديث‏.‏ وكذا أجاب بعض العلماء بهذا الجواب وهو أن نزول الملك يكون دائما نصف الليل قال ونصف الليل يكون نصفا عند قوم وثلثا عند آخرين فلا تنافي بين الروايتين قال والمعنى فيه أن الشمس إذا انتصف الليل أحدثت في العالم حركة بطبعها وحرارتها فلا يبقى حيوان نائم إلا وتحرك لأنها تقرب من الأرض فإذا تحرك استيقظ في الغالب فإذا استيقظ تلقاه المنادي ونشطه إلى القيام إلى الطاعة فيقول هل من مستغفر هل من تائب هل من طالب حاجة‏.‏ فهذه أسرار غريبة ومعان لطيفة فسبحان من هذا عطاؤه وجل من هذا قضاؤه‏.‏ قلت الأحاديث والآثار مختلفة في ذهاب الشمس بعد غروبها‏:‏ فأخرج البخاري عن أبي ذر قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال يا أبا ذر تدري أين تغرب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تجسد تحت العرش فذلك قوله تعالى ‏(‏والشمس تجري لمستقر لها‏)‏ وأخرجه النسائي بلفظ فإنها تذهب حتى تنتهي تحت العرش عند ربها ثم تستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها وتطلب فإذا كان ذلك قيل لها اطلعي من مكانك فذلك قول الله ‏(‏والشمس تجري لمستقر لها‏)‏ وأخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عمرو في قوله تعالى ‏(‏والشمس تجري لمستقر لها‏)‏ قال مستقرها أن تطلع فتردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها فتقول إن السير بعيد وإني إن يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله ثم يقال اطلعي من حيث غربت قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري لا تخالف بين هذا وبين قوله تعالى ‏(‏ وجدها تغرب في عين حمئة‏)‏ فإن المراد به نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب وسجودها تحت العرش إنما هو بعد الغروب وقال الخطابي يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنها تستقر تحته استقرارا لا نحيط به نحن وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن ابن عباس قال الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها فإذا غربت جرت الليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها وكذلك القمر‏.‏ وأخرج أبو الشيخ عن الحسن البصري قال إذا غربت الشمس دارت في فلك السماء مما يلي دبر القبلة حتى ترجع إلى المشرق الذي تطلع منه وتجري في السماء من شرقها إلى غربها ثم ترجع إلى الأرض مما يلي دبر القبلة إلى شرقها كذلك هي مسخرة في فلكها وكذلك القمر وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال أن الشمس إذا غربت دخلت بحرا تحت العرش فتسبح الله حتى إذا هي أصبحت استعفت ربها من الخروج قال ولم قالت أني خرجت عبدت من دونك‏.‏ وأخرج أبو الشيخ بسند واه عن ابن عباس قال أن الشمس إذا غربت رفع بها إلى السماء السابعة في سرعة طيران الملائكة وتحبس تحت العرش فتستأذن من أين تؤمر بالطلوع ثم ينطلق بها ما بين السماء السابعة وبين أسفل درجات الجنان في سرعة طيران الملائكة فتنحدر حيال المشرق من سماء إلى سماء فإذا وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الصبح فإذا وصلت إلى هذا الوجه من السماء فذلك حين تطلع الشمس‏.‏ وأخرج ابن عساكر عن الزهري أن خزيمة بن حكيم السلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حر الماء في الشتاء وبرده في الصيف فقال أن الشمس إذا سقطت تحت الأرض سارت حتى تطلع من مكانها فإذا طال الليل في الشتاء كثر لبثها في الأرض فيسخن الماء لذلك فإذا كان الصيف مرت مسرعة لا تلبث تحت الأرض لقصر الليل فثبت الماء على حاله باردا‏.‏ هذا مجموع ما وقفت عليه في هذه المسألة من الأحاديث والآثار‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع عشر‏)‏‏:‏ فقد تقدم في الحديث المرفوع أن الشمس على قدر الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال الشمس سعة الأرض وزيادة ثلث والقمر على قدر سعة الأرض‏.‏ وأخرجا أيضا عن قتادة قال الشمس طولها ثمانون فرسخا في عرض ثمانين فرسخا‏.‏ وأخرج أبو الشيخ من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رجلا قال له كم طول الشمس وكم عرضها قال تسعمائة فرسخ في تسعمائة وطول الكواكب اثنا عشر فرسخا في اثني عشر فرسخا‏.‏ ‏(‏وأما السؤال العشرون‏)‏‏:‏ فقد ثبت في أحاديث أنه يخرج من قبل المشرق وأنه يبايع له بمكة بين الركن والمقام وأنه يسكن بيت المقدس‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والعشرون‏)‏‏:‏ فقد صح في مسلم من حديث النواس بن سمعان أنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق قال ابن كثير هذا هو الأشهر في موضع نزوله وورد في بعض الأحاديث أنه ينزل بيت المقدس وجمع بعض العلماء بينهما بأنه ينزل بيت المقدس وبيت المقدس هو شرقي دمشق‏.‏ وفي بعض الروايات أنه ينزل بالأردن‏.‏ وفي رواية بعسكر المسلمين‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والعشرون والثالث والعشرون‏)‏‏:‏ فأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أفضل الأيام يوم الجمعة وأفضل الشهور شهر رمضان وأفضل الليالي ليلة القدر‏.‏ ففي كشف الأسرار أن يوم عرفة ويوم الجمعة على خلاف فيهما أفضل من سائر الأيام لما في يوم عرفة من تجلي الحق عز وجل ومباهاته الملائكة بالحاج وفيض عظيم عفوه وفضله ورحمته عليهم بالعتق من النار والمغفرة ولما حصل في يوم الجمعة من خلق آدم وقبول توبته وإجابة الدعاء فيه في ساعة منه والأذن لأهل الجنة في زيارة الرب عز وجل انتهى‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع والعشرون‏)‏‏:‏ فالذي أقوله استنباطا أن جبل أحد أفضل الجبال لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أحد يحبنا ونحبه وورد أنه على باب من أبواب الجنة ولأنه من جملة أرض المدينة التي هي أفضل البقاع ولأنه مذكور في القرآن باسمه في قراءة من قرأ ‏(‏إذ تصعدون ولا تلوون على أحد‏)‏‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخامس والعشرون‏)‏‏:‏ فأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال نيل مصر سيد الأنهار سخر الله له كل نهر من المشرق والمغرب‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس والعشرون‏)‏‏:‏ فقد اختلف الناس قديما وحديثا في ذلك فمنهم من فضل الفقير الصابر على الغني الشاكر ومنهم من عكس ومنهم من توسط ففضل الكفاف وهو المختار‏.‏ قال صاحب الوحيد ذهب الجنيد إلى أن الفقير الصابر أفضل وهو الذي أراه وعلله بأن قال ما من ألم نفسه كم أراح نفسه‏.‏ وذهب ابن عطاء إلى أن الغني الشاكر أفضل واستدل بأن الغنى صفة من صفات الله وهذا مشتق منه فقال له الجنيد إن غنى الله بذاته وهذا الغنى تمتد إليه يد السارق والغاضب فلا يشتق هذا منه وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد الكبرى فإن قيل أيما أفضل حال الأغنياء أم حال الفقراء‏.‏ فالجواب إن الناس أقسام أحدهم من يستقيم على الغنى ويفسد حاله بالفقر ولا خلاف أن غنى هذا خير له من فقره‏.‏ والثاني أن يستقيم على الفقر ويفسده الغنى ويحمله على الطغيان فلا خلاف أن فقر هذا خير له من غناه‏.‏ الثالث من إذا افتقر قام بجمع وظائف الفقر كالرضا والصبر وإن استغنى قام بجميع وظائف الغنى من البذل والإحسان وشكر الملك الديان فقد اختلف الناس قي أي حال هذا أفضل فذهب قوم إلى أن الفقر لهذا أفضل‏.‏ وقال آخرون غناه أفضل وهو المختار لاستعاذته صلى الله عليه وسلم من الفقر ولا يجوز حمله على فقر النفس لأنه خلاف الظاهر بغير دليل وقد يستدل لهؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أغلب أحواله الفقر إلى أن أغناه الله بحصول خيبر وفدك والعوالي وأموال بني النضير‏.‏ والجواب عن هذا أن الأنبياء والأولياء لا يأتي عليهم يوم إلا كان أفضل من الذي قبله وقد ختم آخر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنى ولم يخرجه غناه عما كان يتعاطاه في أيام فقره من البذل و الإيثار والتقليل حتى أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي على آصع من الشعير وكيف لا يكون ذلك وهو صلى الله عليه وسلم يقول ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسك شر لك‏.‏ أراد بالفضل ما فضل عن الحاجة الماسة كما فعل صلى الله عليه وسلم فمن سلك من الأغنياء هذا الطريق فبذل الفضل كله مقتصرا على عيش مثل عيش النبي صلى الله عليه وسلم فلا امتراء إن غنى هذا خير من فقره ويدل على ذلك حديث الصحيحين ذهب ذوو الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم - الحديث، وفيه ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء‏.‏ وأما قوله صلى الله عليه وسلم يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام وقوله صلى الله عليه وسلم اطلعت على الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء فإن ذلك محمول على الغالب من أحوال الأغنياء والفقراء إذ لا يتصف من الأغنياء بما ذكرناه من أن يعيش عيش الفقراء أو يتقرب إلى الله بما فضل من عيشه مقدما لأفضل البذل فأفضله إلا الشذوذ النادرون الذين لا يكادون يوجدون والصابرون على الفقر قليل ما هم والراضون أقل من ذلك القليل‏.‏ هذا كلام الشيخ عز الدين وقال ابن بطال في حديث ذهب ذوو الأموال بالدرجات العلى في هذا الحديث فضل الغنى نصا لا تأويلا إذا استوت أعمال الغني والفقير فيما افترض الله عليهما فللغنى حينئذ فضل عمل البر من الصدقة ونحوها مما لا سبيل للفقير إليه‏.‏ وقال ابن دقيق العيد ظاهر الحديث القريب من النص أنه فضل الغنى وبعض الناس تأوله بتأويل مستكره، قال والذي يقتضيه النظر أنهما إن تساويا وفضلت العبادة المالية أن يكون الغنى أفضل وهذا لا شك فيه وإنما النظر إذا تساويا وانفرد كل منهما بمصلحة ما هو فيه أيهما أفضل‏؟‏ إن فسر الأفضل بزيادة الثواب فالقياس يقتضي أن المصالح المتعدية أفضل من القاصرة فيترجح الغنى وإن فسر بالأشرف بالنسبة إلى صفات النفس فالذي يحصل لها من التطهير بسبب الفقر أشرف فيترجح الفقر ومن ثم ذهب جمهور الصوفية إلى ترجيح الفقير الصابر وقال القرطبي في هذه المسألة للعلماء خمسة أقوال ثالثها الأفضل الكفاف‏.‏ رابعها يختلف باختلاف الأشخاص‏.‏ خامسها التوقف‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السابع والعشرون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قال النيسابوري قال بعضهم خلق الله أولا زمردة خضراء ويقال اللوح والقلم ويقال الوقت والزمان ويقال العرش والكرسي ويقال خلق أولا عاقلا لأنه أراد أن ينتفع بعقله غيره ويقال خلق جوهرا متفرقا من الألوان والأطباع والهيئات ثم خلق الهيئات فركبها بين الأطباع والألوان و صارت بسيطة مؤلفة مطبوعة ويقال خلق أولا نقطة ثم نظر إليها بالهبية فتضعضعت وتمايلت فصيرها الله تعالى ألفا‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثامن والعشرون‏)‏‏:‏ فأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبي زرعة عمرو بن جرير قال أن أول شيء كتب أنا التواب أتوب على من تاب‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع والعشرون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قيل الحكمة في إدخال المؤمنين النار ليعرفوا قدر الجنة ومقدار ما دفع الله عنهم من عظيم النقمة لأن تعظيم النعمة واجب في الحكمة‏.‏ وقيل ليكون المؤمنون دليلا للكافرين كما أن جبريل كان دليلا لفرعون في البحر لأن عباد الصنم يوم القيامة يؤمرون بدخول النار مع أصنامهم فيأبون فيقول الله للمؤمنين ادخلوا فيقولون لبيك وسعديك إن أمرتنا فذلك قوله تعالى ‏(‏والذين آمنوا أشد حبا لله‏)‏ وحينئذ يتبين للخلق أن بره في النار للعارفين أكثر من بره في الجنة للمطيعين‏.‏ وقيل أراد الله تعالى أن يطيب النار كما طيب بطن الحوت بإلقاء يونس عليه السلام لأن النار شكت إلى ربها فقالت يا رب ما عصيتك قط فلم جعلتني مأوى المتكبرين والجبارين فقال أريك الأنبياء والمطيعين وقيل ليرى المؤمنون عيانا ما أخبرهم به من نجاة ابراهيم من نار نمروذ فقال لإبراهيم ‏(‏يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم‏)‏ وقال للمؤمنين وردتموها وهي خامدة‏.‏ وقيل ليرى الكفرة جودة عنصر المؤمنين لأن الجوهر الأصلي لا تعمل فيه النار ولا تفسده فكذلك المؤمن‏.‏ وقيل ليظهر للخلق أنه جامع النور و الظلمة لأنه هو المنجي من الظلمة والموقع فيها‏.‏ وقيل ليرى الخلق كمال قدرته فرقة يستغيثون من النار وفرقة تستغيث النار منهم وهذا كما جعل الماء رحمة على موسى وعقوبة على قوم فرعون كذلك النار رحمة للمؤمنين نقمة للكافرين‏.‏ وقيل لأن الله تعالى وعد النار أن يملأها وهي لا تملأ بالكفرة فتقول هل من مزيد فيورد المؤمنين فيها فتملأ وتقول قط‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثلاثون‏)‏‏.‏ ففي كشف الأسرار أن طاء شجرة طوبى وسين سدرة المنتهى وميم محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن محمد بن كعب القرظي في قوله طسم فإن الطاء من ذي الطول والسين من القدوس والميم من الرحمن والأقوال في فواتح السور كثيرة مشهورة والذي أختاره أنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله‏.‏ أخرج ابن المنذر في تفسيره عن الشعبي أنه سئل عن فواتح السور فقال إن لكل كتاب سرا وإن سر هذا القرآن فواتح السور‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والثلاثون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قال النيسابوري سبعون ذرة تزن جناح بعوضة وسبعون جناح بعوضة تزن حبة‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والثلاثون‏)‏ ‏:‏ فقال السهروردي في عوارف المعارف علم اليقين ما كان من طريق النظر والاستدلال وعين اليقين ما كان من طريق الكشوف والنوال وحق اليقين ما كان بتحقيق الانفصال عن لوث الصلصال بورود رائد الوصال‏.‏ قال فارس علم اليقين لا اضطراب فيه وعين اليقين هو العلم الذي أودعه الله للأسرار والعلم إذا تفرد من نعت اليقين كان علما بشبهة فإذا انضم إليه عين اليقين كان علما بلا شبهة وحق اليقين هو حقيقة ما يشير إليه علم اليقين وعين اليقين‏.‏ قال الجنيد حق اليقين ما يتحقق العبد بذلك وهو أن يشاهد الغيوب كما يشاهد المرئيات مشاهدة عيان ويحكم في الغيب فيخبر عنه بالصدق كما أخبر الصديق حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا أبقيت لعيالك قال الله ورسوله‏.‏ وقال بعضهم علم اليقين حال المعرفة وعين اليقين حال الجمع وحق اليقين جمع الجمع بلسان التوحيد‏.‏ وقيل اليقين اسم ورسم وعلم وعين وحق فالاسم والرسم للعوام والعلم علم اليقين للأولياء وعين اليقين لخواص الأولياء وحق اليقين للأنبياء وحقيقة حق اليقين اختص به نبينا صلى الله عليه وسلم‏.‏ وفي كشف الأسرار علم اليقين هو المستفاد من الأخبار وعين اليقين مستفاد من المشاهدة وحق اليقين يكون بالمعاينة والمباشرة قال تعالى في حق الكفار ‏(‏ثم لترونها عين اليقين‏)‏ ولما دخلوها وباشروا عذابها قال تعالى ‏(‏فنزل من حميم وتصلية جحيم إن هذا لهو حق اليقين‏)‏ وقال سيدي محمد السعودي من أصحاب سيدي يوسف العجمي علم اليقين معرفة الله بك إذ أنت عين الدليل عليه وهو إثبات ذات غير مكيفة ولا معلومة الماهية محكوما لها بالألوهية سلطانا وحجة لا ريب فيه عين اليقين مشاهدة هذه الذات بعينها لا بعينك أي بعين الذات فناء كليا لا يعقل معها نسبة الألوهية إثباتا أو نفيا بل مشاهدة تفني الأحكام والرسوم وتمحق الآثار‏.‏ حق اليقين نسبة الألوهية إلى هذه الذات بعد المشاهدة لا قبلها وهو الفرق بين العلم والحق ليس إلا وهنا سكت المحققون وبعد هذه حقيقة حق اليقين وهو ظهور الانفعالات عن العبد مع غيبته عنها فيه غيبا كليا وفناء محققا وهذه غاية المراتب فالثلاثة كتابية علم و عين وحق‏.‏ والرابعة سنية قال صلى الله عليه وسلم إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك فهذه الحقيقة بها يختبر العبد المتحقق نفسه في دعواه في معرفة حقيقة حق اليقين فتأمله‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث والثلاثون‏)‏‏:‏ فقد وردت أحاديث تقتضي استحباب الجهر بالذكر وأحاديث تقتضي استحباب الإسرار به والجمع بينهما إن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص‏.‏ قال سيدي يوسف العجمي رضي الله عنه قد اعترض بعض الفضلاء على الجهر بالذكر مستدلا بقوله تعالى ‏(‏واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة‏)‏ الآية وقوله صلى الله عليه وسلم خير الذكر ما خفي‏.‏ والجواب أن الله تعالى خاطب عامة عباده بمثل قوله ‏(‏أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت‏)‏ وخاطب الخاص بمثل قوله ‏(‏أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها‏)‏ وخاطب سيد أهل الحضرة محمدا صلى الله عليه وسلم بعد أن عرفه بربه ونفسه وأراه كيف مد الظل بمثل قوله ‏(‏اذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة‏)‏ وقوله ‏(‏ألم تر إلى ربك كيف مد الظل‏)‏ فمن لا يعرف ربه ولا نفسه ولا أراه كيف مد الظل فكيف يذكر ربه في نفسه أو كيف يرى مد الظل بل هم المخاطبون بمثل قوله تعالى ‏(‏اذكروا الله ذكرا كثيرا‏)‏ وأما الذكر الخفي فهو ما خفي عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو أيضا خاص به صلى الله عليه وسلم وبمن له به أسوة حسنة، وعن جابر رضي الله عنه أن رجلا كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل لو أن هذا خفض من صوته فقال صلى الله عليه وسلم دعه فإنه أواه‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قيل وما رياض الجنة قال حلق الذكر‏.‏ وروى أنه صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه قال ما أجلسكم قالوا جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنّ به علينا قال آلله ما أجلسكم إلا ذلك قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذلك قال أما أني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة‏.‏ وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك فقال إني أسمعت من ناجيت فقال ارفع صوتك قليلا‏.‏ وقال لعمر مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع من صوتك فقال أني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان قال أخفض قليلا‏.‏ وروي أن الناس كانوا يذكرون الله تعالى عند غروب الشمس يرفعون أصواتهم بالذكر فإذا خفيت أرسل إليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أن نوروا الذكر أي ارفعوا أصواتكم‏.‏ والجمع بين الآية والحديث السابقين الذين استدل بهما وبين هذه الأحاديث والأثران الذاكرين إذا كانوا مجتمعين على الذكر فالأولى في حقهم رفع الصوت بالذكر والقوة وأما إذا كان الذاكر وحده فإن كان من الخاص فالإخفاء في حقه أولى وإن كان من العام فالجهر في حقه أفضل‏.‏ وقد شبه الغزالي رحمه الله ذكر شخص واحد وذكر جماعة مجتمعين بمؤذن واحد وجماعة مؤذنين فكما أن أصوات الجماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت شخص واحد فكذا ذكر جماعة على قلب واحد أكثر تأثيرا في رفع الحجب من ذكر شخص واحد ومن حيث الثواب فلكل واحد ثواب ذكر نفسه وثواب سماع ذكر رفقائه‏.‏ وأما قوله أنه أكثر تأثيرا في رفع الحجب فلأن الله تعالى شبه القلوب بالحجارة في قوله ‏(‏ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة‏)‏ ومعلوم أن الحجر لا ينكسر إلا بقوة فقوة ذكر جماعة مجتمعين على قلب واحد أشد من قوة ذكر شخص واحد‏.‏ ولهذا قال الشيخ نجم الدين الكبري رحمة الله عليه أن القوة في الذكر شرط واستدل بهذه الآية انتهى‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع والثلاثون‏)‏‏:‏ فجوابه أن أحداث الألحان في الذكر بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر و لا عمر ولا عثمان ولا علي ولا فعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا السلف الصالحين فإن انضم إلى ذلك تمطيط الأحرف والإشباع في غير موضعه والاختلاس في غير موضعه والترقيص والتطريب وتعويج الحنك والرأس فهذا مغن لا ذاكر وأخشى عليه أن يجاب من قبل الله باللعنة فإن سر الذاكر إحضار عظمة الله وهيبته في القلب بخشوع وخضوع وإعراض عما سواه والملحن في شغل شاغل عن ذلك وليعرض الإنسان على نفسه أن لو وقف شخص تحت بيته ونادى آه يا سيدي فلان وكرر ذلك بهذا التلحين والترقيص أكان يرضيه ذلك‏.‏ أو يعده قليل الأدب فالتأدب مع الله أولى وأحق‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخامس والثلاثون‏)‏‏:‏ فأقول مقتضى الأدلة تفضيل اللبن على العسل لأمور‏:‏ منها أنه يربى به الطفل ولا يقوم العسل ولا غيره مقامه في ذلك‏.‏ ومنها أنه يجزئ عن الطعام والشراب وليس العسل ولا غيره بهذه المثابة‏.‏ روى أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزئ من الطعام والشراب غير اللبن‏.‏ ومنها أنه لا يشرق به أحد وليس العسل ولا غيره كذلك روى ابن مردويه في تفسيره عن أبي لبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما شرب أحد لبنا فشرق إن الله يقول ‏(‏لبنا خالصا سائغا للشاربين‏)‏ ومنها أنه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء أتى بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فاختار اللبن فقيل هذه الفطرة أنت عليها وأمتك - رواه الشيخان وغيرهما فاختياره اللبن على العسل ظاهر في تفضيله عليه‏.‏ ومن الصريح في ذلك أيضا ما رواه ابن أبي عاصم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه وإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن‏.‏ والحديث أصله في السنن الأربعة فقوله في الأول وأطعمنا خيرا منه وفي اللبن وزدنا منه يعطي أنه لا شيء خير من اللبن‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس والثلاثون‏)‏‏:‏ فقد كنت سئلت عنه قديما وأجبت بأنه لم يرد حديث ولا أثر في التفضيل بينهما والتفضيل يحتاج إلى توقيف‏.‏ وذكر عن حافظ العصر أبي الفضل بن حجر أنه سئل عن ذلك فأجاب بأن ماء زمزم أفضل مياه الدنيا وماء الكوثر أفضل مياه الآخرة‏.‏ وهذا الجواب كما ترى ليس فيه نص على تفضيل أحدهما على الآخر‏.‏ وقد يقال لمن خطر بباله تفضيل ماء زمزم انه يشهد له أنه صلى الله عليه وسلم غسل صدره به لما شقه جبريل ولكن الذي يظهر تفضيل الكوثر لأنه عطية الله للنبي صلى الله عليه وسلم وزمزم عطية الله لاسماعيل ولأن الكوثر مصرح بذكره في القرآن في معرض الامتنان مسندا إلى نون العظمة ولم يقع في زمزم مثل ذلك‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السابع والثلاثون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قال بعضهم هما سواء لا يفضل أحدهما على الآخر‏.‏ ويقال ما دام الرجل صحيحا فالخوف أفضل وما دام مريضا فالرجاء أفضل ويقال الخوف للعاصي أفضل والرجاء للمطيع أفضل ويقال الخوف قبل الذنب أفضل والرجاء بعد الذنب أفضل لأربعة أشياء‏:‏ أحدها إلى فضله والخوف من عدله والفضل أكرم من العدل‏.‏ والثاني الرجاء إلى الوعد والوعد من بحر الرحمة والخوف من الوعيد والوعيد من بحر الغضب ورحمته سبقت غضبه‏.‏ الثالث الرجاء بالطاعة والخوف من المعصية ومن الطاعة ما يعلو على المعاصي كالتوحيد‏.‏ والرابع الرجاء بالرحمة والخوف من الذنوب والذنوب لها نهاية والرحمة لا نهاية لها ويقال الخوف أفضل منه لأنه وعد بالخوف جنتين ولم يعد بالرجاء إلا جنة واحدة وأيضا الخوف يمنع من الذنوب وترك الذنوب أفضل من فعل الخيرات‏.‏ ويقال من عبد الله بالخوف فهو حروري ومن عبد الله بالرجاء فهو مرجئ ومن عبد الله بالحب فهو زنديق ومن عبد الله بالثلاثة فهو مستقيم‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثامن والثلاثون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قال النيسابوري الليل أفضل لوجوه‏.‏ أحدها أن الليل راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار وأيضا فالليل حظ الفراش والنهار حظ اللباس ولأن الله تعالى سمى ليلة القدر خير من ألف شهر وليس في الأيام مثلها‏.‏ وقيل النهار أفضل لأنه نور وأيضا لا يكون في الجنة ليل وأيضا النهار للمعاد والمعاش‏.‏ قلت قد وقفت على تأليف في التفضيل بين الليل والنهار لأبي الحسين بن فارس اللغوي صاحب المجمل فذكر فيه وجوها في تفضيل هذا ووجوها في تفضيل هذا فمما ذكره في تفضيل الليل أن الله أنزل فيه سورة مسماة سورة الليل ولم ينزل في النهار سورة تسمى سورة النهار وأن الله قدم ذكره على النهار في أكثر الآيات كقوله ‏(‏والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى‏)‏ ‏(‏وجعلنا الليل والنهار آيتين‏)‏ ‏(‏جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا‏)‏ ‏(‏قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا‏)‏ وأن الله خلقه قبل النهار وأن ليالي الشهر سابقة على أيامه وأن في الليل ليلة خير من ألف شهر وليس في الأيام مثلها وأن في كل ليلة ساعة إجابة وليس ذلك في النهار إلا في يوم الجمعة خاصة وأن النهار فيه أوقات تكره فيها الصلاة وليس في شيء من ساعات الليل وقت كراهة والصلاة من أشرف العبادات وأن فيه التهجد والاستغفار بالأسحار وهما أفضل من صلاة النهار واستغفاره‏.‏ وأنه أصح لتلاوة الذكر قال تعالى ‏(‏إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا‏)‏ وقال ‏(‏أمن هو قانت آناء الليل ساجدا‏)‏ وأن الإسراء وقع بالليل قال تعالى ‏(‏سبحان الذي أسرى بعبده ليلا‏)‏ وقال تعالى ‏(‏فأسر بأهلك بقطع من ليل‏)‏ وقال أهل العلم في الليل تنقطع الأشغال وتجم الأذهان ويصح النظر وتؤلف الحكم وتدر الخواطر ويتسع مجال القلب ومؤلفو الكتاب يختارونه على النهار لأن القلب بالنهار طائر وبالليل ساكن وكذلك مدبرو الملك‏.‏ وقديما كان يقال الليل نهار الأريب وقال القائل‏:‏

ولم أر مثل الليل جنة فاتك * إذا هم أمضى أو غنيمة ناسك

وعارضه صاحب النهار بأن الله قدم ذكره في قوله ‏(‏والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها‏)‏ وبأن التقديم لا يدل على أفضليته فقد قدم الله الموت على الحياة والجن على الأنس والأعمى والأصم على البصير و السميع في قوله ‏(‏خلق الموت والحياة‏)‏ ‏(‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏)‏ ‏(‏مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع‏)‏ والمتأخر مما ذكر أفضل من المتقدم قطعا وبأن النور قبل الظلمة قال تعالى ‏(‏الله نور السماوات والأرض‏)‏ وبأن الناس والشعراء مازالوا يذمون الليل ويشكونه كقول امرئ القيس‏:‏ وليل كموج البحر- الأبيات‏.‏ وقد استعاذوا بالله من الابهمين ويقال الأعميين السيل والليل وبالليل تدب الهوام وتثور السباع وتنشر اللصوص وتشن الغارات وترتكب المعاصي والفاحشات ولذلك قيل الليل أخفى للويل وقد شبه الله تعالى به وجوه أعدائه فقال ‏(‏كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما‏)‏ وكان الحسن يقول ما خلق الله خلقا أشد سوادا من الليل وقال تعالى ‏(‏ومن شر غاسق إذا وقب‏)‏ قيل هو الليل إذا أظلم وتقول العرب للمكثار حاطب ليل لما يخشى عليه فيه من نهش أو تنهش ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن جداد الليل وصرام الليل وأمر بغلق الأبواب وكف الصبيان بالليل وقال أن للشيطان انتشارا وخطفة، وافتخرت العرب بالأيام دون الليالي فقالوا يوم ذي قار ويوم كذا، والأسبوع أيامه مسماة دون الليالي فإنما تذكر بالإضافة إلى الأيام فيقال ليلة الأحد وليلة كذا وليس المضاف كالمضاف إليه، والأيام النبيهة أكثر من الليالي كيوم الجمعة ويوم عرفة ويوم عاشوراء والأيام المعلومات والمعدودات وليس في الليالي إلا ليلة القدر وليلة نصف شعبان‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأمتي في بكورها ولم يقل ذلك في شيء من الليالي‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع والثلاثون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار إنما خلق آدم من التراب دون غيره لأنه لم يكن قبل آدم شيء إلا التراب فخلقه منه ثم خلق حواء من آدم لأنه أراد أن يكونا من جنس واحد وخلقها من الضلع ليعلم أنهن خلقن من العوج فلا يطمع في تقويمهن‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الأربعون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار سؤال لم رفع عيسى إلى السماء قيل لأنه أراد أن يصحب الملائكة ليحصل لهم بركته كما صحبه التائبون في الدنيا وأيضا لما لم يكن دخوله من باب الشهوة وخروجه لم يكن من باب المنية بل دخل من باب القدرة وخرج من باب العزة‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والأربعون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار إنما سمي مسيحا لأنه كان يسيح في الأرض ويقال ولد ممسوحا بالدهن ويقال لأنه يمسح الضر عن الأعمى والأبرص والأكمه ويقال لأنه لم يكن لقدمه أخمص‏.‏ وزاد ابن الأثير في النهاية ما نصه‏:‏ وقيل المسيح الصديق وقيل هو بالعبرانية مشيحا فعرب‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والأربعون‏)‏‏:‏ ففي صحيح مسلم أنه يقيم سبع سنين‏.‏ وفي مسند أبي داود الطيالسي في أثناء حديث أنه يقيم أربعين سنة‏.‏ وجمع بينهما بأن المراد بالأربعين مجموع لبثه في الأرض قبل الرفع وبعده فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث والأربعون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار قيل اثنتي عشرة سنة بعدد حروف ‏(‏اذكرني عند ربك‏)‏ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لولا كلمة يوسف ما لبث في السجن طول ما لبث‏.‏ وأقول أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى ‏(‏فلبث في السجن بضع سنين‏)‏ قال اثنتي عشرة سنة‏.‏ وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في تفسيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه لبث سبع سنين‏.‏ وأخرج ابن جرير مثله عن قتادة ووهب بن منبه وابن جريح‏.‏ وأخرج من طريق ابن جريح عن ابن عباس في قوله بضع سنين قال دون العشرة‏.‏ وأخرج عن مجاهد في قوله بضع سنين قال ما بين الثلاثة إلى التسع‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع والأربعون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار أنه لبث أربعين يوما‏.‏ وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قال مكث يونس في بطن الحوت أربعين يوما وأخرج أيضا عن الشعبي قال التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخامس والأربعون‏)‏‏:‏ فالجواب أن المشهور في المذاهب الأربعة تحريم آلات اللهو وأجازها طائفة منهم أهل الظاهر‏.‏ والمختار في هذه المسألة ما ذهب إليه محققون منهم الشيخ عز الدين ابن عبد السلام إباحة ذلك للصوفية خاصة وتحريمه على غيرهم وبسط ذلك في حواشي الروضة‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس والسابع والثامن والأربعون‏)‏ فالجواب أن الثلاثة أحياء أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن مجاهد في قوله تعالى ‏(‏ورفعناه مكانا عليا‏)‏ قال رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت‏.‏ وأخرج ابن المنذر في تفسيره من طريق الليث بن سعد عن عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن إدريس كان صديقا لملك الموت فقال له إدريس أحب أن تذيقني الموت وتفرق بين روحي وجسدي حتى أجد طعم الموت ثم ترد روحي فقال له ملك الموت لا أقدر على ذلك إلا أن أستأذن فيه ربي فقال له إدريس فأستأذنه في ذلك فعرج ملك الموت إلى ربه فأذن له فقبض نفسه وفرق بين روحه وجسده فلما سقط إدريس ميتا رد الله إليه روحه الحديث بطوله‏.‏ وأخرج ابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند عن بعض أصحابه قال كان ملك الموت صديقا لإدريس فقال له يوما يا ملك الموت أمتني فأستأذن ربه فقال له أمته فلما مات رد الله إليه روحه فمكث ما شاء الله حيا ثم قال يا ملك الموت أدخلني الجنة فأستأذن ربه فقال أدخله الجنة فاحتمله ملك الموت فأدخله الجنة فكان فيها ما شاء الله فقال له ملك الموت اخرج بنا قال لا قال الله تعالى ‏(‏أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى‏)‏ وقال ‏(‏وما هم منها بمخرجين‏)‏ وما أنا بخارج منها قال ملك الموت يا رب قد تسمع ما يقول عبدك إدريس قال الله له صدق فأخرج منها ودعه فيها وذلك قول الله تعالى ‏(‏ورفعناه مكانا عليا‏)‏ قال بعض العلماء أربعة أنبياء أحياء اثنان في السماء إدريس وعيسى واثنان في الأرض إلياس والخضر‏.‏ وفي حديث رواه نعيم بن حماد في كتاب الفتن أن الياس يكون مع الدجال ينذر الناس فإذا قال الدجال أنا رب العالمين قال له الياس كذبت‏.‏ وفي حديث رواه ابن عدي في الكامل أن الياس والخضر يلتقيان في كل عام بالموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله‏.‏ كذا أخرجه من حديث ابن عباس مرفوعا‏.‏ وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن ابن أبي رواد قال الياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع والأربعون‏)‏‏:‏ فجوابه أن فيه ثلاثة أقوال‏.‏ أحدهما أنه نبي‏.‏ والثاني أنه رسول‏.‏ والثالث أنه ولي وعليه الجمهور‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخمسون‏)‏‏:‏ فالجواب أنهما في الجنة وقد ألفت في ذلك كتاب سميته التعظيم والمنة قررت فيه الأدلة على ذلك وأقربها طرق‏:‏ أحدها أنهما كانا على ملة إبراهيم الحنيفية كورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل وغيرهما ممن تحنف في الجاهلية‏.‏ والثاني أنهما كانا في الفترة والفترة لا تكليف فيها‏.‏ والثالث أنهما أحييا له صلى الله عليه وسلم وآمنا به‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والخمسون‏)‏ فجوابه أنه من قال من العوام أو من الفقهاء بحضرة العوام في حق أبوي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما في النار أو أنهما كانا كافرين أنه يلزمه التعزيز البليغ أو أكثر من ذلك‏.‏ وقد سئل القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية عن رجل قال في حق والد النبي صلى الله عليه وسلم إنه كافر‏.‏ فأجاب بأن قائل ذلك ملعون لأن هذا القول يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى ‏(‏إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة‏)‏‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والخمسون‏)‏ فجوابه أن شرط وجوب الوضوء التكليف والحدث ودخول وقت الصلاة وقولنا التكليف يجمع ثلاث صفات البلوغ والعقل والإسلام‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث والخمسون‏)‏‏:‏ فجوابه أنها بضعة عشر شرطا الماء الطهور والعلم والظن بطهوريته والاسلام والتمييز وعدم المنافي وفقد المانع وطهارة العضو من نجاسته والعلم بكيفيته وتمييز فرائضه من سننه وترتيبه على ما جنحت إليه في حواشي الروضة ولم أسبق إليه والأصحاب عدوا الترتيب ركنا لا شرطا وتزيد المرأة بشرط وهو النقاء عن الحيض والنفاس ويزيد صاحب الضرورة بستة شروط دخول الوقت وتقديم إزالة النجاسة والاستنجاء وحشو المنفذ وإيلاؤه الوضوء والموالاة فيه‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع والخمسون‏)‏‏:‏ فجوابه أن الإمام تجب عليه الإعادة ولا تجب على المأمومين‏.‏ هذا هو الأصح فيهما‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخامس والخمسون‏)‏‏:‏في إطالة الخطبة فجوابه أنه يكره له ذلك‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس والخمسون‏)‏‏:‏ فجوابه أن تلاوة القرآن كثير أفضل من صلاة نفل قليلة وصلاة النفل الكثيرة أفضل من تلاوة قليلة فإن استوى الزمان المصروف إليهما كنصف يوم مثلا أراد الإنسان أن يصرفه في أحد النوعين فمقتضى كلام الفقهاء حيث قالوا أفضل عبادات البدن الصلاة وقوله صلى الله عليه وسلم إن خير أعمالكم الصلاة أن تكون صلاة النفل أفضل من تلاوة القرآن‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السابع والخمسون‏)‏‏:‏ ففي كشف الأسرار إنما عبر بالقيراط لأنه أول المقادير التي يوزن بها وإنما قال أصغرهما مثل أحد لأنه أكبر جبل عندهم وقيل هو أكبر جبل في الدنيا لأنه يبلغ إلى الأرض السفلى وأبهم القيراط الآخر لأن عطاء الله واسع فلا يحد‏.‏ وقيل ليس القيراط منسوبا إلى أربعة وعشرين قيراطا بل إلى الأعمال التي تتعلق بالميت من تغميضه وتقبيله إلى القبلة وشد لحييه بعصابة ونزع ثيابه التي مات فيها ووضعه على سريره وتغسيله وتكفينه وحمله والمشي معه والصلاة عليه وحضور دفنه وحفر القبر ووضعه فيه وسده عليه وإهالة التراب‏.‏ فهذه خمسة عشر فمن أتى بالصلاة فله قيراط من خمسة عشر قيراطا والخمسة عشر هي جملة الأجر ومن حضر الدفن فله قيراط آخر‏.‏ وهذه القراريط بعضها أفضل من بعض‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثامن والخمسون‏)‏‏:‏ فجوابه أن الحكمة في ذلك اتباع الحديث وقد أشار فيه إلى أنه موجب للمغفرة وهو ما رواه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي عن مالك بن هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب، ولفظ الحاكم والبيهقي إلا غفر له‏.‏ قال النووي وهو معنى أوجب‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع والخمسون والستون‏)‏‏:‏ فجوابه أن البرهان الفزاري أفتى بوجوب صلاة العشاء والحالة هذه‏.‏ وأفتى معاصروه بأنها لا تجب عليهم لعدم سبب الوجوب في حقهم وهو الوقت‏.‏ ويؤيد الأول الحديث الوارد في أيام الدجال حيث قال فيه اقدروا له قدره قال الزركشي في الخادم وعلى هذا يحكم لهم في رمضان بأنهم يأكلون بالليل إلى وقت طلوع الفجر في أقرب البلاد إليهم ثم يمسكون ويفطرون بالنهار كذلك قبل غروب الشمس إذا غربت عند غيرهم كما يأكل المسلمون ويصومون في أيام الدجال‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والستون‏)‏‏:‏ فجوابه أن الصلاة صحيحة بلا خلاف عندنا إذا استقبل القبلة وأتم الأركان‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والستون‏)‏‏:‏ فجوابه أنه لا يفسد الصوم قال في شرح المذهب قال المتولي وغيره إذا تمضمض الصائم لزمه مج الماء ولا يلزمه تنشيف فمه بخرقة ونحوها بلا خلاف قال المتولي لأن في ذلك مشقة قال ولأنه لا يبقى في الفم بعد ذلك المج إلا رطوبة لا تنفصل عن الموضع إذ لو انفصلت لخرجت في المج‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث والستون‏)‏‏:‏ فجوابه أنه يبرأ عن عيب باطن بالحيوان لم يعلمه البائع ولا يبرأ من عيب ظاهر ولا باطن بغير الحيوان ولا به إذا علمه‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع والخامس والستون‏)‏‏:‏ فالجواب أنه لا يحل و يمنعه الرد‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس والستون‏)‏‏:‏ ففي الروضة لو اشترى أمة وأراد تزويجها قبل الاستبراء فإن كان البائع وطئها لم يجز إلا أن يزوجها به وإن لم يكن وطئها واستبرءها قبل البيع أو كان الانتقال من امرأة أو صبي جاز تزويجها في الحال على الأصح انتهى‏:‏ ومقتضى القواعد أنها إذا طلقت وفي الحالة هذه لا يطؤها السيد حتى يستبرئها لئلا يظهر بها حمل فيتعذر عليه نفيه لأنه لا سبيل إلى نفيه إلا بأن يدعى الاستبراء وذلك لا يمكن إلا بعد الوطء‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السابع والثامن والستون‏)‏‏:‏ فالجواب أنه يصح السلم في الفلوس راجت أم لم ترج وكذا بيعها إلى أجل لأن حكمها حكم العروض وإن راجت رواج النقود‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع والستون‏)‏‏:‏ فجوابه أنه يرجع فيه إلى العرف فإن كان في بلد الغالب فيها إطلاق الدراهم على الفلوس حمل عليها وإن كان في بلد لا تطلق فيه الدراهم إلا على الفضة حمل عليها فإن استوى الاطلاقان في بلد ولم يبين حمل على الفلوس لأنه الأقل وقاعدة الإقرار الحمل على القدر المتيقن لأن الأصل براءة الذمة فيما عداه‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السبعون‏)‏‏:‏فجوابه أنه يزوجها مالك البعض ومعه وليها القريب فإن لم يكن فمعتق البعض وإلا فالسلطان هذا هو الأصح من خمسة أوجه‏.‏ والثاني أن يكون معه معتق البعض‏.‏ والثالث معه السلطان‏.‏ والرابع يستقل مالك البعض‏.‏ والخامس لا يجوز تزويجها أصلا لضعف الملك والولاية بالتبعيض‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والسبعون‏)‏‏:‏ فجوابه أنهما إن كانا معينين عند القاضي الذي عقد والشهود صح النكاح من غير ذلك اسم الأب والجد وإلا بأن قال لوكيل الغائب زوجت موكلك فاطمة ولم يذكر بنت فلان لم يصح النكاح‏.‏ وفي الروضة لو كان اسم ابنته الواحدة فاطمة فقال زوجتك فاطمة ولم يقل بنتي فلا يصح النكاح لكثرة الفواطم لكن لو نواها صح كذا قطع به العراقيون والبغوي‏.‏ واعترض ابن الصباغ بأن الشهادة شرط والشهود لا يطلعون على النية وهذا أقوى ولهذا الأصل منعنا النكاح بالكنايات انتهى‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والسبعون‏)‏‏:‏ فجوابه أن القول قولها بيمينها وعلى الزوج البينة‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث والرابع والخامس والسبعون‏)‏‏:‏ فالجواب في الثلاثة الجواز مع الكراهة نص عليه في الروضة في مسألة وطء إحدى الزوجتين بحضرة الأخرى‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس والسبعون‏)‏‏:‏ فجوابه أن هذا التعليق باطل عندنا إذا كانت أجنبية أو مطلقة في عدة بينونة فمتى تزوجها صح النكاح ولم تطلق‏.‏ فإن كان في عدة رجعية وراجعها في تلك العدة طلقت‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السابع والسبعون‏)‏‏:‏ فهذه المسألة السريجية والحكم فيها وقوع الطلاق المنجز فقط هذا هو الأصح عند الشيخين‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثامن والتاسع والسبعون‏)‏‏:‏ فالجواب أن طلاق المكره لا يقع وطلاق السكران يقع‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثمانون‏)‏‏:‏ فجوابه أن عليه المثاقيل التي ثبتت في ذمته زادت قيمتها أو نقصت‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والثمانون‏)‏‏:‏ فجوابه أن البيع أبطل التعليق فإذا وطئها بعد ملكها ثانيا لم تعتق‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والثمانون‏)‏‏:‏ فجوابه أن التمليك لم يصح لعدم القبول والعتق صادف ملك المرأة المعتقة فيصح‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث والرابع والثمانون‏)‏‏:‏ فجوابه أن عتق المكره لا ينفذ وحد الإكراه التخويف بأمر يؤثر العاقل الإقدام على ما أكره عليه حذرا مما هدد به‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخامس والثمانون‏)‏‏:‏ فجوابه أنه يباح بالإكراه شرب الخمر ولا يجب الحد على الصحيح‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السادس والثمانون‏)‏‏:‏ فجوابه أن في قتل الكلب غير العقور خلافا في مذهبنا واضطرب ترجيح الشيخين في ذلك ففي موضع رجحا الجواز وفي موضع رجحا المنع هو اختياري‏.‏ ‏(‏وأما السؤال السابع والثمانون‏)‏ فالجواب أنه لا فسق في هذا الفعل بعينه إلا أن يتضمن محرما من رقى مخالفة للشرع أو نحو ذلك‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثامن والثمانون‏)‏‏:‏ فالجواب أن التفرقة من السحر نص عليه غير واحد من السلف‏.‏ وأما التأليف وكتب الحرز والحجاب فليس منه قد سئل بعض السلف عن شيء من ذلك فقال للسائل من استطاع أن ينفع أخاه المسلم فليفعل‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع والثمانون‏)‏‏:‏ فالجواب أنه لا يجوز لاحتمال أن يكون من الكفريات وقرابين الجن التي هي كفر كذا أجاب به شيخنا الإمام تقي الدين الشمني‏.‏ وقد سئل عن ذلك وأنا حاضر‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التسعون‏)‏‏:‏ فجوابه أنه ليس للشاهد أخذ الأجرة على أداء الشهادة وأما على إتيان القاضي والحضور عنده فإن كان معه في البلد فلا يأخذ شيئا وإن كان يأتيه من مسافة العدوى فما فوقها فله طلب نفقة المركوب ونفقة الطريق‏.‏ قال في الروضة ولم يتعرض أكثر الأصحاب لما سوى هذا لكن في تعليق الشيخ أبي حامد أن الشاهد لو كان فقيرا يكسب قوته يوما يوما وكان في صرف الزمان إلى أداء الشهادة ما يشغله عن كسبه لم يلزمه الأداء إلا إذا بذل له المشهود له قدر كسبه في ذلك الوقت انتهى‏.‏ وعلى هذا يقال في الممتنع المذكور أنه لا شيء عليه إذا كان بصفة الفقر‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الحادي والتسعون‏)‏‏:‏ فالجواب إذا قال لم أشهد بذلك ثم شهد لم تقبل شهادته في الجانبين وإن قال لا أذكر ثم شهد تقبل، هذا مقتضى القواعد في الجانبين‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثاني والتسعون‏)‏‏:‏ فالجواب أنه تقبل شهادة الشاهدين على الحاكم أنه حكم‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الثالث والتسعون‏)‏‏:‏ فجوابه أن ولاية الجاهل باطلة‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الرابع والتسعون‏)‏‏:‏ فجوابه أن علم تعبير الرؤيا علم معتبر أصله في الكتاب والسنة ولا اسم على المعبر إذا لم يتعمد خطأ أو مجازفة‏.‏ ‏(‏وأما السؤال الخامس والتسعون‏)‏‏:‏ فذكر بعض المتأخرين أن العلماء اختلفوا في حكمة نزوله على ثلاثة أجوبة أحدها يحتمل أن يكون ذلك لأن اليهود همت بقتله وصلبه وجرى أمره معهم على ما نبه الله تعالى في كتابه العزيز وهم أبدا يدعون أنهم قتلوه وينسبونه إلى السحر وغيره إلى ما كان الله برأه ونزهه عنه‏.‏ وقد ضرب الله عليهم الذلة فلم تقم لهم منذ أعز الله الإسلام وأظهره راية ولا كان لهم في بقعة من بقاع الأرض سلطان ولا قوة ولا شوكة ولا يزالون كذلك حتى تقرب الساعة فيظهر الدجال وهو أسحر السحرة فتتابعه اليهود فيكونون يومئذ جنده مقررين أنهم ينتقمون به من المسلمين فإذا صار أمرهم إلى هذا أنزل الله عيسى عليه السلام الذين عندهم أنه قتلوه وأبرزه لهم ولغيرهم من المنافقين والمخالفين ونصره على رئيسهم وكبيرهم الذي ادعى الربوبية فقتله وهزم جنده من اليهود لمن معه من المؤمنين فلا يجدون مهربا وإن توارى أحد منهم بشجرة أو بحجر أو بجدار ناداه يا روح الله ههنا يهودي حتى يقف عليه فإما أن يسلم وإما أن يقتل وكذا كل كافر من كل صنف حتى لا يبقى على وجه الأرض كافر ويستثنى من الشجر شجر الغرقد فإنه شجر اليهود فإنه لا يدل على اليهودي إذا توارى به‏.‏ والجواب الثاني يحتمل أن يكون انزاله لدنو أجله لا لقتال الدجال لأنه لا ينبغي لمخلوق من التراب أن يموت في السماء لكن أمره يجري على ما قال الله تعالى ‏(‏منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى‏)‏ فينزله الله تعالى ليقره في الأرض يراه فيها من يقرب منه ويسمع به من نأى عنه ثم يقبض فيتولى المسلمون أمره ويصلون عليه ويدفن حيث دفن فيه الأنبياء الذين أمه من نسلهم وهي الأرض المقدسة فينشر إذا نشروا نشر معهم هذا سبب إنزاله غير أنه يتفق في تلك الأيام من بلوغ الدجال الذي قد بلغ من فتنته أن ادعى الربوبية ولم ينتصب لقتاله أحد من المؤمنين لقتلهم كان هو أحق بالتوجه إليه ويجري قتله على يديه إذ كان ممن اصطفاه الله لرسالته وأنزل عليه كتابه وجعله وأمه آية فعلى هذا الوجه يكون الأمر بإنزاله لا إنه ينزل لقتال الدجال قصدا‏.‏ الثالث أنه وجد في الإنجيل فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم حسبما قاله وقوله نحو ذلك ‏(‏مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل‏)‏ فدعا الله تعالى أن يجعله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فاستجاب الله دعاءه ورفعه إلى السماء إلى أن ينزل آخر الزمان مجددا لما درس من دين الإسلام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فيوافق خروج الدجال فيقتله ولا يبعد على هذا أن يقال قتاله الدجال يجوز أن يكون من حيث أنه إذا حصل بين ظهراني الناس وهم مفتتنون قد عم فرض الجهاد أعيانهم وهو أحدهم لزمه من هذا الغرض ما يلزم غيره فلذلك يقوم به وذلك داخل في اتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبالله التوفيق ‏(‏وأما السؤال السادس والسابع والثامن والتسعون‏)‏‏:‏ فالمد على الهمز والهاء خطأ ولا يبطل الصلاة إلا إن قصد الاستفهام وأما المد على اللام فحسن‏.‏ ‏(‏وأما السؤال التاسع والتسعون والموفى مائة‏)‏‏:‏فقد قال ابن المنير في كتابه شرف المصطفى‏:‏ ذكر ابن حبيب أن بين السماء والأرض بحرا يسمى المكفوف يكون بحر الأرض بالنسبة إليه كالقطرة من البحر المحيط وأن هذا البحر انفلق لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء حتى جاوزه وذلك أعظم من انفلاق البحر لموسى‏.‏ وأخرج أبو الشيخ ابن حيان في كتاب العظمة عن حسان بن عطية قال الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض تدور‏.‏ وأخرج أيضا بسند واه جدا عن ابن عباس قال خلق الله بحرا دون السماء بمقدار ثلاثة فراسخ فهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر الله لا يقطر منه قطرة جار في سرعة السهم يجري فيه القمر والشمس والنجوم فذلك قوله تعالى ‏(‏كل في فلك يسبحون‏)‏ هذا آخر الأجوبة وقد قلت في الجواب نظما‏:‏

سبحان رب العلى مؤتي البراهين * وباعث الرسل إرشادا لمهدبن

صلى عليه إله العرش قاطبة * خصوصا المصطفى خير النبيين

من اجتباه وأتاه خصائص لا * تحصى بعد ولا ترمى بتوهين

ولم يزل شرعه يعلو بمجتهد * يقوم حفظا له في كل ما حين

وكل قرن أتى في رأسه رجل * يقيمه الله في التجديد للدين

نعم وأني بحمد الله مجتهد * العصر الأخير على رغم الشياطين

أقول ذلك تحديثا بنعمته * لا أقصد الفخر أو صنع المرائين

نعم وأنى بحمد الله يغدق بي * فتح المغالق مع حل العويصين

إذا بدا مشكل في العلم أقصد في * ايضاحه فأوفيه بتبيين

إن شئت نقلا فأروى فيه أبحره * أو الدليل فآتي بالبراهين

دع ذا وعد لهم أو لفائدة * واحفظ جواب سؤالات بتمكين

كتبتها سرعة في ساعتين كما * كتمتها عزة للعلم والدين

وهذه سردها للناظرين فما * يغبش الشمس إلا طامس العين

الوعد في آية الأحزاب يرجع * للمجموع لا الفرد للتعظيم في دين

ورؤية الله خذ عني محررها * ودع أولي الجهل والتخبيط والشين

كل الأنام يروه في القيامة من * إنس وجن مع الأملاك بالعين

وفي الجنان يراه القوم في جمع * وللنسا رؤية في يوم عيدين

نعم ويختص صديقاتنا بزيا * دات عليهم كما ذا للوليين

والجن فيهم خلاف والذي نره * بأن لهم رؤية بعض الأحايين

وبضعة مع عشر عندنا نقولوا * في آية هي ارجى للمنيبين

قل يا عبادي تلو في منتهى زمر * بشر ففيها ارتياح للمساكين

والخلف أيضا جرى فيما يضاددها * ومنتهى زلزلت أخرى بتعيين

قدما شرى الله نفس المؤمنين على * علم وإذ نزلت أحداث تكوين

والروح إذا بذلت للقتل أنفسهم * والمال للبذل كانا حق تثمين

والقلب ليس له معنى يخص به * والنفس مغنية عنه بتسكين

إذ القلوب محل الروح مسكنها * والروح نفس وإن قدرت نفسين

فحيث كانت نفوس القوم باذلة * كان الوعاء لها ملغى عن العين

والخلف في الشرق مع غرب وفضل سما * والأرض قد شاع ما هذا بمكنون

وليس عندي ترجيح بذين لما * فيه تعارض مدلول الدليلين

خير السماوات علياها رويت وها * ذي الأرض فيما روينا خير الأرضين

وخير جناتها الفردوس أرفعها * والأرض في الأنبيا شام بتعيين

والسر في طمس نور النيرين وفي * القاهما النار تبكيت العبيدين

ثم السواد يرى في بدرنا أثر * بمسح جبريل وهو المحو للزين

والشمس تغرب تأتي العرش تسجد أو * تسير في الأرض جآءا في حديثين

وقدرها مثل الدنيا وزد ثلثا * كذا رويناه عن بعض الحنيفين

بمكة يظهر المهدي ثم دمشق * الشام فيها يجيء عيسى بتزيين

والنيل مع رمضان جمعة أحد * لها شغوف على باقي الأفانين

وفي فقير صبور مع شكور غني * خلف وفضل كفافا فوق هذين

وأول الخلق في قول أرجحه * لما رووا قلم يجري بمسنون

وكتبه أولا باللوح أسطره * إني أنا بعده التواب فادعوني

وحكمة في ورود النار مؤمنهم * تعريف قدر نعيم غير ممنون

ونحو طس عندي لا أفسره * فذاك مخزون علم آي مخزون

وذرة أن تصر سبعين عدتها * لها جناح بعوض قدر موزون

علم اليقين على الأخبار معتمد * عين اليقين الذي شاهدت بالعين

حق اليقين إذا باشرت ثمت مع * يا ذاكر الله ذكراه بتلحين

والذكر أفضل سرا للأولى كملوا * ويجهر المخنشى شر الشياطين

وعندي اللبن الأعلى فليلة الإسراء * اختاره إذ أتى خير النبيين

ما كوثر خير ما الأخرى وزمزم قل * خير المياه على وجه الأراضين

والخوف أفضل للإنسان صح كما * لدى الممات الرجا أولى فرجوني

والليل أفضل في قول أرجحه * لقوله جل من ذا فيه يدعوني

وخلق آدم تشريفا لعنصره * من التراب الطهور الطاهر الطين

وخلق حواء من ضلع مجانسة * لوصفها ولتجنيس بزوجين

ورفع عيسى ليأتي في أواخرنا * لقتل دجالهم رأس اليهودين

وبالمسيح يسمى حيث خلقته * من غير أخمص ممسوح لرجلين

يقيم سبع سنين إذ يعود كما * قد صح في الخبر الأشياخ رووني

كذا أقام بسجن يوسف وثوى * في الحوت شهرا وثلثا قيل ذو النون

ولا نبيح لشخص آلة سمعت * سوى ذوي الحال سادات المحبين

إدريس حي بلا خلف والأرجح في * إلياس والخضر الأبقا فحيوني

والخلف في خضر هل بالنبوة أو * له الولاية مشهور بتحسين

وولدا خير خلق الله نزلهما * في جنة الخلد علم أي مكنون

ومن يصرح بكفر أو بنار لظى * في ذين فهو لعين أي ملعون

شرط الوضوء وجوبا وقته حدث * عقل بلوغ مع الإسلام والدين

وشرط صحته الماء الطهور كذا * علم بإطلاقه أو خذ بمظنون

دين وفقد مناف فقد مانعه * عقل وتمييز مفروض ومسنون

طهارة العضو ترتيب لدى نقا * حيض وفي سلس وقت بلامين

تقديم حشو والاستنجا وطهر أذى * والفور بعد توال بين عضوين

ومن يصلي إماما ثوبه نجس * يعيد من دون مأموم بتبيين

ومن يطل خطبة يكره وفضل من * أتى الصلاة على كل القرابين

من خمس عشرة جزء جزأ العلماء * قيراط أجر مصلاه ومدفون

وجاء في خبر تمثيله أحدا * بقدر أصغر قيراط لموزون

وحكمة الصف اتباع الحديث فمن * صلى عليه صفوف فاز باللين

ومن يطل عندهم شمس النهار ولا * تغيب إلا كلحظ أو كلحظين

يقدروا الصوم مع فرض العشاء كما * يقدروا زمن الدجال بالحين

صحت صلاة مصل في السفينة إن * سارت وإن ترس أو تنساخ في الطين

لا يفسد الصوم ما تبقيه مضمضة * من بلة لم تكن مفصولة العين

من باع بيعا شرط البراءة من * كل العيوب يخص البرء باثنين

بباطن من ذوي روح وبائعه * بجهله عالم أو غير مبطون

ومن يصالح عن عيب بالأرش وها * ويسقط الرد هذا غير مغبون

وليس يسقط الاستبراء إن نكحت * وطلق الزوج حالا قبل تمكين

وفي الفلوس يصح البيع مع سلم * إلى زمان وإن راجت كنقدين

ومن أقر بألفي درهم ونأى * بالعرف يقضي إذا ماجا بتبيين

ومن تبعض يزوجها المليك مع * القريب أو معتق أو مع سلاطين

عقد النكاح صحيح حيث يعرف من * يعقد عليها وإلا ألغ بالدون

وزوجة أنكرت قبض الذي نحلت * فقولها القول حكم أي مسنون

ووطء سرية أو زوجة بحذا * ضرائر فهو كره بين الاثنين

كذا بحضرة عميا غير باصرة * لا إثم فيه ولا تحريم في الدين

ومن يقل أن تعدلي فهي طالقة * يلغى المقال ببعد أو ببينون

وذات دور بها يلغى المعلق لا * منجز فليقع هذا بتكوين

ومن يطلق إكراها ويعتق لا * يقع وفي السكر نفذ فيه هذين

وحد الإكراه تهديد بما سمحت * نفس المروآت منه للمريدين

والقرض يوفي بوزن مثلما قبضوا * إن زاد أو إن تنقص قيمة العين

وكل تعليق عتق حله أبدا * بيع ويبدأ ملك الغير موهون

ومن تملك لها طفلا وليس له * من قابل يلغ ذا التمليك في الحين

فان تملكه عبدا ثم تعتقه * فلينفذ العتق منها غير موهون

من أكرهوه على خمر تباح له * من غير حتم ويقضى غير مفتون

وقد جرى الخلف في قتل الكلاب ولا * أفتى به أبدا إلا لمؤذين

ولا أفسقه في ضرب مندله * ولا ألوم على حجب لمجنون

عدوا من السحر تفريقا وتأخذه * لا كتب حرز وتأليف لزوجين

ولا تبيح بما لم يدر رقيته * حذار ذلك من كفر القرابين

كذا أجاب به قدما بحضرتنا * شيخى الشمنى ذو التقوى وذو الدين

للشاهد الأجر مع بعد المسافة أو * ان عد في الفقرا ذا والمساكين

وشاهد قال لم أشهد فما قبلت * ان جاء يشهد هذا غير مأمون

وحيث ينكر حكما حاكم قبلت * عليه فيما نفى قول الشهيدين

ولا تصح ولايات القضا أبدا * لجاهل طرق الأحكام في الدين

وعلم تعبير رؤيا النوم معتبر * له أصول بمكتوب و مسنون

ومن يعانيه لا إثم عليه إذا * راعى القواعد فيه غير مفتون

تم الجواب بهذا عن مسائله * فالحمد لله حمدا غير ممنون

ثم الصلاة على الهادي وعترته * وصحبه ما أتى شاد بموزون